خيال لمبة 3
حلى حاجة فى فوئش إنه زكى بس حمار. الإنجليزى بتاعه حلو وكان بيفهم فى الكومبيوتر وبيعمل برامج ومواقع، وكان بيحب نيو بتاع فيلم ماتريكس ومعتبر نفسه نيو بتاع مصر. كذه مرة جيتله لقيته لابس جلبية سودة عاملة زى الشوال ونضارة شمس خدوده رفعاها لغاية حواجبه. المهم، كان حمار بقى عشان فاكر إنى بفهم أى حاجة من كس ام الألغاز اللى بيقولهالى وهو “بيفهمنى” هيعمل إيه عشان يخش على جهاز الواد.
“انا هبوّت من الدوس لنسخةلينكسعلى الفلاشة وبعدين هايقنوسكناتلسيناثصضهرتجخصلتةسشينكبصلخضتلةلقحجثصهعلنرب ونقدر نعمل اللى إحنا عايزينه.”
“أيوه، يعنى الحوار ده هياخد أد إيه كده؟”
“مش كتير، بس انا بنقل حاجة من على الفلاشة، رُبعاية كده وتخلص.”
“طب انا هريّح على الكنبة شوية، صحينى لما تخلّص.”
كنت خلاص بسقّط وجسمى همدان فشخ. كان عندى صداع كبير، وورا كل عين صداع صغير. قلعت الجزمة ونمت بالبالطو على الكنبة تحت الشباك. فوئش كان دايماً بيقعد فى الضلمة وحبة الشمس اللى داخلين من بين الشيش هما اللى كانوا منورينها. قفلت عينى وسرحت مع صوت تكتكة فوئش على الكيبورد، نمت على طول.
كنت واقف تحت برج من أبراج عثمان فى ليلة ساقعة تلج. كنت وقاف فى الهوا بقالى نص ساعة بحاول أولع سيجارة ومش عارف. فاضل عود واحد فى علبة الكبريت. فجأة بصيت لفوق ولقيت البرج طالع لغاااااااااية السما. رغم البُعد كنت شايف نهى كويس وهى واقفة على سور السطح خايفة وبتندهلى. البرج كان عمّال يعلى وحاولت أزعقلها عشان تنط بس صوتى ماكنش طالع. فردت درعاتى وحاولت أقدّر الحتة اللى هتقع فيها. فِهْمت انا عايز إيه ونطط. شعرها وصريخها ملوا السما وغطوا على القمر وهى بتقرب عليا بسرعة. بصيت لعنيها لما كانت قصادى على طول، يادوبك أبعد من دراعى المفرود. عِرْفت إنى أقدرت المسافة غلط ومالحقتش تلومنى. إختفت من مستوى نظرى والأسفلت إنفجر تحت رجلى.
قمت جسمى واجعنى وقلبى مقبوض. فوئش كان قاعد بيقلب فى جهاز الواد ومدينى ضهره.
“إيه يلا، مش قولتلك تصحينى لما تخلّص؟”
“صاحب الجهاز مزاجنجى، قاعد بتفرج على كولكشن السكس اللى عنده. قولت أسيبك تنام شوية ”
“يا حنين. لقيت حاجة تانية غير السكس طيب؟”
“انا سايبه بينقل وبشتغل على فكرة، شغلتلك أكونت الفيسبوك بتاع الواد على البراوزر أهو.”
“زيح طيب عشان أقعد.”
قفلت فيلم السكس اللى كان شغال وقعدت أدور فى أكونت الواد.
“هو مال الويندوس بتاعت الجهاز ده غريبة ليه؟”
“أحا يابنى، أومال كنت بتهز راسك ليه لما قولتلك هنخش من نسخةلينكسعلى الفلاشة؟”
“بخدك على قد عقلك عشان ننجز، سبنى بقى أشوف فيه إيه على دين أم الجهاز ده.”
“مش هتقولى بتاع مين طيب؟”
ماردتش عليه. كنت مبضون من حاجة مش عارفها وإبتديت أستسخف الحوار كله. كنت حاسس ان الموضوع كبير وماكنتش عارف المفروض أعمل إيه. عايز اللاب ده يساعدنى بأى طريقة. الواد كان عنده راسايل كتير فى الإنبوكس ماتقرتش. قلبت فيهم، كان فيه حبة حلوين بالإنجليزى، مالناش دعوة.
فتحت الرسايل اللى بعتاها نهى. بكْره كسم الفرانكو ده. كان فيه تلاتة “انت فين يا بيبى” خمسة “إتصل بيا ضروري” وواحد وش حزين. كان كل الرسايل اللى قبلهم كلام إتنين متصاحبين ومقدينها، ورغم انى قعدت أقرا بإهتمام وغل، مالقتش حاجة ليها علاقة بإن الواد إختفى. واضح ان نهى ملهاش فى الحوار. بس إستغربت ان موضوع النايت كلب كان عُبارة عن سطرين. كان بيسألها مين الناس اللى كانوا معاها فى يوم معين عشان واحدة صاحبتهم قالتله إن نهى كانت قاعدة وحوليها ناس غريبة، نهى كتبتله “هاقولك لما نتقابل،” وماتكلموش تانى بعد كده مع بعض. برضو مش فاهم حاجة، إيه اللى عصابة الشاهين النبيتى عايزاه من الابتوب؟
ولعت سجارة وخدت بالى إن فوئش ماكنش فى الأوضة. الموقف دلوقتى مايع ومش مفهوم. قررت أخلى اللاب عند فوئش يقعد على الهارد يفلّى أمه وبالمرة يترجملى الرسايل الإنجليزى اللى على الفيسبوك، ممكن أطلع منهم بحاجة. بس ماكنتش عايز أضيع وقت عشان الحوار ده ممكن يطوّل، انا عايز أوصل لإجابات مبلوعة عشان أقولها لنهى فى أول فرصة. اه صحيح، ممكن أطلب أقابلها النهارده عشان أسألها عن إيه اللى ممكن يعوزه حد من لابتوب عادل. ناديت على فوئش. سمعت صوت تلاجة بتتقفل، جه وكان بيعدل بنطلون البيجامة.
“انت فين يا عم، عايز أمشى.”
“كنت فى الكنيف، بعمل تقيل وخفيف.”
“أومال بتلوغ فى إيه دلوقتى؟”
“ياعم دى بيتزا بارده، أجيبلك؟”
مارضيتش آكل عنده وحكيتله الحوار عشان يبقى معايا فى الصورة وهو بيدوّر فى اللابتوب. بعد ماحكيتله حاول يقنعنى إنه ممكن يساعدنى ويجى معايا وانا “بحل اللغز.” ماكنتش عايز أدوّر على عادل وفيه دبة لازقة فى ضهرى وبتتنفس فى قفايا. إتفقنا إنه هايسعدنى بقدراته العبقرية فى عالم الكومبيوتر والنت وإنه هيتصل بيا لو لقى حاجة مهمة. كُله بالحنية بيفُك.
نزلت من عنده على هوا المغرب الساقع على طول. كانت عينى لسه ماتعودتش على النور برا وكنت لسه تعبان. حبة النوم دول هيخلونى أكمل لبلّيل. خدت نص قرص تانى تأكيد، ووقفت فى مدخل العمارة أفكر. فوئش عنده حق، انا عايز حد يساعدنى، غير فوئش طبعاً. انا عارف ده كويس بس الوحيد اللى ممكن أعتمد عليه فى الحوار ده، مايُعتمدش عليه. عرابى كان واحد صاحب منصف من أيام البلطجة والثانوية العسكرية، كان صايع وبيحب الحوارت والمرازية فى خلق الله. مشكلته انه غشيم ومابيسترش، وشكل أمه غلط، هيخوّف الزباين اللى زى نهى. كنت ساعات باخده فى “مأموريات” لو متوقع قلق او عايز إيد تانية معايا.
إتصلت بنهى الأول. إتمشيت لحد محطة الأتوبيس اللى فى ميدان الحرية وقعدت على الدكة وانا مستنيها ترد. الميدان كان مليان والناس كانت مئريفة كلعادة، وماتش كل يوم بين العربيات اللى عايزة تخش مية وخمسة والعربيات اللى عايزة تكمل للكورنيش كان شغّال كالعادة. كل ده أختفى لما ردت عليا وصوتها مسح قلق رنة التليفون من ودانى.
“فارس؟”
إفتكرت الكابوس.
“أيوه، مشغولة؟ أكلمك بعدين؟”
“لأ، إتس أوكاى، وصلت لحاجة؟” كنت خايف من السؤال ده ومعنديش إجابة محددة، بس برضو إتصلت بيها. كنت عارف انى بتحجج عشان أشوفها وخلاص، وكنت عارف إن المحن ده آخرته وحشة.
“لازم أشوفك ضرورى، عندى أسئلة كتير.” سكتت شوية.
“ممكن تسألنى على التليفون، انا فاضية.”
المحن آخرته وحشة قولنا.
“عايزك توصفيلى شكل الناس اللى عاكستك فى النايت كلب، وعايز أعرف حاجت أكتر عن عادل، انا ليقت اللابتوب بت…”
“بجد؟” كان باين انها فرحت ومعرفتش تمسك نفسها. فرحتها حسستنى أنى عملت حاجة كويسة، فردت ضهرى وانا بكلمها. بس كان فيه صوت ابن وسخة عمال يقولى انى بتبعبص وانا مش واخد بالى. الصوت ده ساعات كان بيطلع غلط، بس إتعلمت مانفضلوش.
“اه، كان مع ناس خارجين من فيلة عادل الصبح.”
“وعرفت تاخده منهم؟” ماسألتش مين الناس دول.
“لأ.” خيبة الأمل كانت باينة فى صوتها. “بس عايز أشوفِك عشان تساعدينى أجيبه.” هتقول أيوه.
“طيب أوكاى، انا فى دجلة، ممكن نتقابل بعد نص ساعة.”
“فين فى دجلة؟”
“عارف ميدان السى أيه سى؟”
“أه.” هى ناقصة عقد؟ الحتة دى بتجيبلى حقد طبقى.
“هستناك هناك فى العربية.”
“إشطة، سلام.”
“باى.”
طيب، فعلاً فيه حاجة غلط. لما أشوفها هعرف أوقعها فى الكلام، على الأقل هعرف هى بتكدب عليا ولا لأ من وشها وحركة جسمها. جسمها، هنقعد فى العربية الباسات فى ميدان السفالة كلها. لازم أركز، عشان آخرة المحن وحشة. خدت تاكسى عشان متأخرش وكنت سرحان طول الطريق. هعمل إيه لما أشوفها؟ مش عايز أتغابى عليها وأعاملها معاملة أمناء الشرطة ومش عايز حتى أبيّن انى شاكك فيها، عشان هى بتأبجنى، وبتهيجنى.
ميدان السى إيه سى كان لسه “مافتحش.” أول ما الدنيا تليّل العربيات الغالية المتفيمة هتركن بعيد عن عواميد النور وتتهز بالراحة، والشباب هتقف تصتبح حوالين الصَنيّة وجوا الجنينة. دلوقتى لسه العملية هادية ومافيش غير واحد أجنبى بيمشّى الكلب بتاعه.
لفيت حوالين الجنينة بدوّر على عربيتها ولما ملقتهاش كنت هاتصل بيها، بس لقيتها داخلة على الميدان ووقفت تحت عمود نور لسة شمس المغرب الهلكانة مغطية عليه. طفيت السيجارة وقربت من العربية عشان أركب جنبها. كانت مركّزة فى الموبايل بتاعها ومش واخدة بالها منى. خَبّط على الإزاز براحة بس إتخضّت برضو. فتحت وقعدت.
“لا مؤاخذة،” أبتسمتلها.
“كنت سرحانة. إنى واى، عرفت مين اللى خد اللابتوب؟” مع إنها كانت متوترة، حسيت إنها إحلوّت أكتر وهى جنبى على الكرسى.
“دانا اللى عايزك تساعدينى أجواب على السؤال ده.”
“إزاى؟” ماكنتش عارف أقراها صح. توترها كان ممكن يبقى ليه مليون سبب، مش لازم تكون بتحوّر.
“عايزه اللابتوب ليه؟”
“أكيد عشان ممكن يعرفنا عادل فين.” ردت بعد تفكير كأنها بتلومنى على غبائى. قررت أعمل عبيط.
“اه طبعاً، بس قصدى عليه حاجة معينة حد تانى ممكن يكون عايزها وعادل مختفى بسببها؟”
“حاجة زى إيه؟” كانت باصّة ناحية الكلب اللى فى الجنينة. بصيت على صدرها، بتتنفس أسرع من العادى، كانت مخبية حاجات عنى. سرحت مع أكتر حاجتين باينين فيها. بصتلى تانى لما لقتنى مابتكلمش.
“انا شايفة اننا بنضيع وقت، هتعمل إيه عشان تجيب اللابتوب؟” مادتنيش اى رد فعل لما مِسْكت عينى متلبسة.
“هحاول أعرف مين الناس اللى خادته، إوصفيلى الناس اللى عاكسوكى؟”
“يعنى كان شكلهم عادى، مفيش حاجة مميزة فيهم.”
“كان معاهم عربية شاهين نبيتى؟”
“شاهين؟ لأ.” ردت بشوية قرف.
“تعرفى واحد إسمه سوسته؟”
“لأ.” ردت بسرعة، خدت بالى إنها ماستغربتش من الإسم. ولعِّت سيجارة من غير ماتعزم عليا.
“طيب، انا يوم كمان وهلاقى العيال اللى خدوا اللابتوب، مش عايز أضيع وقتك أكتر من كده.”
“هتلاقيهم إزاى؟”
“ده سر المهنة،” فتحت الباب وخرجت، الدنيا كانت خلاص ضلّمت. “هتصل بيكى لما اللاب يبقى معايا، لو أفتكرتى حاجة ممكن تساعدنى، كلمينى.”
وقفت تحت عامود النور بشرب السيجارة وعملتلها باى باى وهى ماشية. بنت الكلب، حتى إبتسامتها الصفرة كانت حلوة برضو. إنت مش عبيط يا عم فارس عشان واحدة تلعب بيك كده وتبقى مستغفلاك وانت مش عارف إزاى حتى، أومال حرمجى وصايع إزاى؟ إتصلت بعرابى عشان أبطّل تفكير. كان حاطط كول تون بنت متناكة قولتله ميت مرة يغيرها.
“إيه ياسطا، ماحدش سامعلك حس يعنى؟” صوته كان دايماً مبحوح من الدخان والزعيق.
“موجود يا برنس، انت اللى فين؟” كنت لسة بفكر فى نهى و فى الحوار كله.
“انا فى السوق القديم، رايح آكل كشرى.”
“مش عايز تصتبح بعد الأكل؟”
#مَرَة_مُفترية
#يتبع
“انا هبوّت من الدوس لنسخةلينكسعلى الفلاشة وبعدين هايقنوسكناتلسيناثصضهرتجخصلتةسشينكبصلخضتلةلقحجثصهعلنرب ونقدر نعمل اللى إحنا عايزينه.”
“أيوه، يعنى الحوار ده هياخد أد إيه كده؟”
“مش كتير، بس انا بنقل حاجة من على الفلاشة، رُبعاية كده وتخلص.”
“طب انا هريّح على الكنبة شوية، صحينى لما تخلّص.”
كنت خلاص بسقّط وجسمى همدان فشخ. كان عندى صداع كبير، وورا كل عين صداع صغير. قلعت الجزمة ونمت بالبالطو على الكنبة تحت الشباك. فوئش كان دايماً بيقعد فى الضلمة وحبة الشمس اللى داخلين من بين الشيش هما اللى كانوا منورينها. قفلت عينى وسرحت مع صوت تكتكة فوئش على الكيبورد، نمت على طول.
كنت واقف تحت برج من أبراج عثمان فى ليلة ساقعة تلج. كنت وقاف فى الهوا بقالى نص ساعة بحاول أولع سيجارة ومش عارف. فاضل عود واحد فى علبة الكبريت. فجأة بصيت لفوق ولقيت البرج طالع لغاااااااااية السما. رغم البُعد كنت شايف نهى كويس وهى واقفة على سور السطح خايفة وبتندهلى. البرج كان عمّال يعلى وحاولت أزعقلها عشان تنط بس صوتى ماكنش طالع. فردت درعاتى وحاولت أقدّر الحتة اللى هتقع فيها. فِهْمت انا عايز إيه ونطط. شعرها وصريخها ملوا السما وغطوا على القمر وهى بتقرب عليا بسرعة. بصيت لعنيها لما كانت قصادى على طول، يادوبك أبعد من دراعى المفرود. عِرْفت إنى أقدرت المسافة غلط ومالحقتش تلومنى. إختفت من مستوى نظرى والأسفلت إنفجر تحت رجلى.
قمت جسمى واجعنى وقلبى مقبوض. فوئش كان قاعد بيقلب فى جهاز الواد ومدينى ضهره.
“إيه يلا، مش قولتلك تصحينى لما تخلّص؟”
“صاحب الجهاز مزاجنجى، قاعد بتفرج على كولكشن السكس اللى عنده. قولت أسيبك تنام شوية ”
“يا حنين. لقيت حاجة تانية غير السكس طيب؟”
“انا سايبه بينقل وبشتغل على فكرة، شغلتلك أكونت الفيسبوك بتاع الواد على البراوزر أهو.”
“زيح طيب عشان أقعد.”
قفلت فيلم السكس اللى كان شغال وقعدت أدور فى أكونت الواد.
“هو مال الويندوس بتاعت الجهاز ده غريبة ليه؟”
“أحا يابنى، أومال كنت بتهز راسك ليه لما قولتلك هنخش من نسخةلينكسعلى الفلاشة؟”
“بخدك على قد عقلك عشان ننجز، سبنى بقى أشوف فيه إيه على دين أم الجهاز ده.”
“مش هتقولى بتاع مين طيب؟”
ماردتش عليه. كنت مبضون من حاجة مش عارفها وإبتديت أستسخف الحوار كله. كنت حاسس ان الموضوع كبير وماكنتش عارف المفروض أعمل إيه. عايز اللاب ده يساعدنى بأى طريقة. الواد كان عنده راسايل كتير فى الإنبوكس ماتقرتش. قلبت فيهم، كان فيه حبة حلوين بالإنجليزى، مالناش دعوة.
فتحت الرسايل اللى بعتاها نهى. بكْره كسم الفرانكو ده. كان فيه تلاتة “انت فين يا بيبى” خمسة “إتصل بيا ضروري” وواحد وش حزين. كان كل الرسايل اللى قبلهم كلام إتنين متصاحبين ومقدينها، ورغم انى قعدت أقرا بإهتمام وغل، مالقتش حاجة ليها علاقة بإن الواد إختفى. واضح ان نهى ملهاش فى الحوار. بس إستغربت ان موضوع النايت كلب كان عُبارة عن سطرين. كان بيسألها مين الناس اللى كانوا معاها فى يوم معين عشان واحدة صاحبتهم قالتله إن نهى كانت قاعدة وحوليها ناس غريبة، نهى كتبتله “هاقولك لما نتقابل،” وماتكلموش تانى بعد كده مع بعض. برضو مش فاهم حاجة، إيه اللى عصابة الشاهين النبيتى عايزاه من الابتوب؟
ولعت سجارة وخدت بالى إن فوئش ماكنش فى الأوضة. الموقف دلوقتى مايع ومش مفهوم. قررت أخلى اللاب عند فوئش يقعد على الهارد يفلّى أمه وبالمرة يترجملى الرسايل الإنجليزى اللى على الفيسبوك، ممكن أطلع منهم بحاجة. بس ماكنتش عايز أضيع وقت عشان الحوار ده ممكن يطوّل، انا عايز أوصل لإجابات مبلوعة عشان أقولها لنهى فى أول فرصة. اه صحيح، ممكن أطلب أقابلها النهارده عشان أسألها عن إيه اللى ممكن يعوزه حد من لابتوب عادل. ناديت على فوئش. سمعت صوت تلاجة بتتقفل، جه وكان بيعدل بنطلون البيجامة.
“انت فين يا عم، عايز أمشى.”
“كنت فى الكنيف، بعمل تقيل وخفيف.”
“أومال بتلوغ فى إيه دلوقتى؟”
“ياعم دى بيتزا بارده، أجيبلك؟”
مارضيتش آكل عنده وحكيتله الحوار عشان يبقى معايا فى الصورة وهو بيدوّر فى اللابتوب. بعد ماحكيتله حاول يقنعنى إنه ممكن يساعدنى ويجى معايا وانا “بحل اللغز.” ماكنتش عايز أدوّر على عادل وفيه دبة لازقة فى ضهرى وبتتنفس فى قفايا. إتفقنا إنه هايسعدنى بقدراته العبقرية فى عالم الكومبيوتر والنت وإنه هيتصل بيا لو لقى حاجة مهمة. كُله بالحنية بيفُك.
نزلت من عنده على هوا المغرب الساقع على طول. كانت عينى لسه ماتعودتش على النور برا وكنت لسه تعبان. حبة النوم دول هيخلونى أكمل لبلّيل. خدت نص قرص تانى تأكيد، ووقفت فى مدخل العمارة أفكر. فوئش عنده حق، انا عايز حد يساعدنى، غير فوئش طبعاً. انا عارف ده كويس بس الوحيد اللى ممكن أعتمد عليه فى الحوار ده، مايُعتمدش عليه. عرابى كان واحد صاحب منصف من أيام البلطجة والثانوية العسكرية، كان صايع وبيحب الحوارت والمرازية فى خلق الله. مشكلته انه غشيم ومابيسترش، وشكل أمه غلط، هيخوّف الزباين اللى زى نهى. كنت ساعات باخده فى “مأموريات” لو متوقع قلق او عايز إيد تانية معايا.
إتصلت بنهى الأول. إتمشيت لحد محطة الأتوبيس اللى فى ميدان الحرية وقعدت على الدكة وانا مستنيها ترد. الميدان كان مليان والناس كانت مئريفة كلعادة، وماتش كل يوم بين العربيات اللى عايزة تخش مية وخمسة والعربيات اللى عايزة تكمل للكورنيش كان شغّال كالعادة. كل ده أختفى لما ردت عليا وصوتها مسح قلق رنة التليفون من ودانى.
“فارس؟”
إفتكرت الكابوس.
“أيوه، مشغولة؟ أكلمك بعدين؟”
“لأ، إتس أوكاى، وصلت لحاجة؟” كنت خايف من السؤال ده ومعنديش إجابة محددة، بس برضو إتصلت بيها. كنت عارف انى بتحجج عشان أشوفها وخلاص، وكنت عارف إن المحن ده آخرته وحشة.
“لازم أشوفك ضرورى، عندى أسئلة كتير.” سكتت شوية.
“ممكن تسألنى على التليفون، انا فاضية.”
المحن آخرته وحشة قولنا.
“عايزك توصفيلى شكل الناس اللى عاكستك فى النايت كلب، وعايز أعرف حاجت أكتر عن عادل، انا ليقت اللابتوب بت…”
“بجد؟” كان باين انها فرحت ومعرفتش تمسك نفسها. فرحتها حسستنى أنى عملت حاجة كويسة، فردت ضهرى وانا بكلمها. بس كان فيه صوت ابن وسخة عمال يقولى انى بتبعبص وانا مش واخد بالى. الصوت ده ساعات كان بيطلع غلط، بس إتعلمت مانفضلوش.
“اه، كان مع ناس خارجين من فيلة عادل الصبح.”
“وعرفت تاخده منهم؟” ماسألتش مين الناس دول.
“لأ.” خيبة الأمل كانت باينة فى صوتها. “بس عايز أشوفِك عشان تساعدينى أجيبه.” هتقول أيوه.
“طيب أوكاى، انا فى دجلة، ممكن نتقابل بعد نص ساعة.”
“فين فى دجلة؟”
“عارف ميدان السى أيه سى؟”
“أه.” هى ناقصة عقد؟ الحتة دى بتجيبلى حقد طبقى.
“هستناك هناك فى العربية.”
“إشطة، سلام.”
“باى.”
طيب، فعلاً فيه حاجة غلط. لما أشوفها هعرف أوقعها فى الكلام، على الأقل هعرف هى بتكدب عليا ولا لأ من وشها وحركة جسمها. جسمها، هنقعد فى العربية الباسات فى ميدان السفالة كلها. لازم أركز، عشان آخرة المحن وحشة. خدت تاكسى عشان متأخرش وكنت سرحان طول الطريق. هعمل إيه لما أشوفها؟ مش عايز أتغابى عليها وأعاملها معاملة أمناء الشرطة ومش عايز حتى أبيّن انى شاكك فيها، عشان هى بتأبجنى، وبتهيجنى.
ميدان السى إيه سى كان لسه “مافتحش.” أول ما الدنيا تليّل العربيات الغالية المتفيمة هتركن بعيد عن عواميد النور وتتهز بالراحة، والشباب هتقف تصتبح حوالين الصَنيّة وجوا الجنينة. دلوقتى لسه العملية هادية ومافيش غير واحد أجنبى بيمشّى الكلب بتاعه.
لفيت حوالين الجنينة بدوّر على عربيتها ولما ملقتهاش كنت هاتصل بيها، بس لقيتها داخلة على الميدان ووقفت تحت عمود نور لسة شمس المغرب الهلكانة مغطية عليه. طفيت السيجارة وقربت من العربية عشان أركب جنبها. كانت مركّزة فى الموبايل بتاعها ومش واخدة بالها منى. خَبّط على الإزاز براحة بس إتخضّت برضو. فتحت وقعدت.
“لا مؤاخذة،” أبتسمتلها.
“كنت سرحانة. إنى واى، عرفت مين اللى خد اللابتوب؟” مع إنها كانت متوترة، حسيت إنها إحلوّت أكتر وهى جنبى على الكرسى.
“دانا اللى عايزك تساعدينى أجواب على السؤال ده.”
“إزاى؟” ماكنتش عارف أقراها صح. توترها كان ممكن يبقى ليه مليون سبب، مش لازم تكون بتحوّر.
“عايزه اللابتوب ليه؟”
“أكيد عشان ممكن يعرفنا عادل فين.” ردت بعد تفكير كأنها بتلومنى على غبائى. قررت أعمل عبيط.
“اه طبعاً، بس قصدى عليه حاجة معينة حد تانى ممكن يكون عايزها وعادل مختفى بسببها؟”
“حاجة زى إيه؟” كانت باصّة ناحية الكلب اللى فى الجنينة. بصيت على صدرها، بتتنفس أسرع من العادى، كانت مخبية حاجات عنى. سرحت مع أكتر حاجتين باينين فيها. بصتلى تانى لما لقتنى مابتكلمش.
“انا شايفة اننا بنضيع وقت، هتعمل إيه عشان تجيب اللابتوب؟” مادتنيش اى رد فعل لما مِسْكت عينى متلبسة.
“هحاول أعرف مين الناس اللى خادته، إوصفيلى الناس اللى عاكسوكى؟”
“يعنى كان شكلهم عادى، مفيش حاجة مميزة فيهم.”
“كان معاهم عربية شاهين نبيتى؟”
“شاهين؟ لأ.” ردت بشوية قرف.
“تعرفى واحد إسمه سوسته؟”
“لأ.” ردت بسرعة، خدت بالى إنها ماستغربتش من الإسم. ولعِّت سيجارة من غير ماتعزم عليا.
“طيب، انا يوم كمان وهلاقى العيال اللى خدوا اللابتوب، مش عايز أضيع وقتك أكتر من كده.”
“هتلاقيهم إزاى؟”
“ده سر المهنة،” فتحت الباب وخرجت، الدنيا كانت خلاص ضلّمت. “هتصل بيكى لما اللاب يبقى معايا، لو أفتكرتى حاجة ممكن تساعدنى، كلمينى.”
وقفت تحت عامود النور بشرب السيجارة وعملتلها باى باى وهى ماشية. بنت الكلب، حتى إبتسامتها الصفرة كانت حلوة برضو. إنت مش عبيط يا عم فارس عشان واحدة تلعب بيك كده وتبقى مستغفلاك وانت مش عارف إزاى حتى، أومال حرمجى وصايع إزاى؟ إتصلت بعرابى عشان أبطّل تفكير. كان حاطط كول تون بنت متناكة قولتله ميت مرة يغيرها.
“إيه ياسطا، ماحدش سامعلك حس يعنى؟” صوته كان دايماً مبحوح من الدخان والزعيق.
“موجود يا برنس، انت اللى فين؟” كنت لسة بفكر فى نهى و فى الحوار كله.
“انا فى السوق القديم، رايح آكل كشرى.”
“مش عايز تصتبح بعد الأكل؟”
#مَرَة_مُفترية
#يتبع
5 years ago